ارتباط اللفظ بمدلوله
هل بين اللفظ ومدلوله مناسبة (1) طبيعية؟ فيه
خلاف.
ذهب الأكثرون إلى أنه ليس بينهما مناسبة.
وذهب عباد بن سليمان الصيمرى (2) إلى المناسبة،
ووافقه جماعة (3) من أرباب تكسير الحروف.
ومنشأ الخلاف أنه هل وقع في كلامهم اللفظ الواحد
الموضوع للشيء وضده. فذهب ثعلب وجماعة من أهل اللغة إلى إنكار التضاد، وصنف الزجاج
في ذلك مصنفًا، والأكثرون على أن اللفظة الواحدة للشيء وضده كالقشيب للخلق
والجديد، والسدفة للضوء والظلمة، والجون للأسود والأبيض، والقرء للحيض والطهر.
سلاسل الذهب لبدر الدين الزركشي، المدينة المنورة، الطبعة: الثانية، ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ ، ص.194
(الفرق الحادي والعشرون والمائة بين قاعدة من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا وبين قاعدة من انعقد له سبب المطالبة بالملك هل يعد مالكا أم لا)
علم أن جماعة
من مشايخ المذهب - رضي الله عنهم - أطلقوا عبارتهم بقولهم من ملك أن يملك هل
يعد مالكا أم لا؟ قولان ويخرجون على ذلك فروعا كثيرة في المذهب منها إذا وهب له
الماء في التيمم هل يبطل تيممه بناء على أنه يعد مالكا أم لا يبطل بناء على أنه لا
يعد مالكا ومن عنده ثمن رقبة هل يجوز له الانتقال للصوم في كفارة الظهار أم لا؟
قولان مبنيان على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا ومن قدر على المداواة
في السلس أو التزويج هل يجب عليه الوضوء أم لا؟ قولان بناء على أن من ملك أن يملك
هل يعد مالكا أم لا وكثير من هذه الفروع زعموا أنها مخرجة على هذه القاعدة وليس
الأمر كذلك بل هذه القاعدة باطلة وتلك الفروع لها مدارك غير ما ذكروه.
وبيان بطلانها أن الإنسان يملك أن
يملك أربعين شاة فهل يتخيل أحد أنه يعد مالكا الآن قبل شرائها حتى تجب الزكاة عليه
على أحد القولين.
أنوار البروق في أنواء الفروق لأبي العباس شهاب
الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، عالم الكتب، بدون طبعة وبدون تاريخ، الجزء 3،
الصفحة.20، الفرق 101
فرط الفضول
وسمعت القاضي أبا الوليد يحكي
أن رجلاً استأذن هارون الرشيد فقال: إني أصنع ما تعجز الخلائق عنه. فقال الرشيد:
هات. فأخرج أنبوبة فصب فيها عدة إبر ثم وضع واحدة في الأرض وقام على قدميه، وجعل
يرمي إبرة إبرة من قامته فتقع كل إبرة في عين الإبرة الموضوعة حتى فرغ دسته. فأمر
الرشيد بضربة مائة سوط ثم أمر له بمائة سوط ثم أمر له بمائة دينار، فسئل عن جمعه
بين الكرامة والهوان فقال: وصلته لجوده ذكائه وأدبته لكي لا يصرف فرط ذكائه في
الفضول.
سراج الملوك، لابي بكر محمد بن محمد ابن الوليد الفهري الطرطوشي المالكي، المطبوعات العربية – مصر، ١٢٨٩هـ، ١٨٧٢م، 69