مقتضب في صور الوعد
بالبيع ومسؤولية المخلّ
صور الوعد بالبيع
يشكل الوعد بالبيع صورة
من صور الوعد بالتعاقد، ويتخذ حالة من حالات ثلاث هي: حالة أولى، يكون فيها
الوعد بالبيع وعدا من جانب واحد، وفيه يعِد مالك الشيء (الواعد) شخصا آخر (الموعود
له) بأن يبيعه هذا الشيء، إذا عبّر هذا الأخير عن رغبته في الشراء داخل مدّة
معيّنة، وفي هذه الصورة من الوعد، يكون الواعد وحده ملتزما تجاه الموعود له إذا
أظهر هذا رغبته في الشراء، أما الموعود له فلا يلتزم بشيء، إذا أظهر الرغبة التزم
وإذا لم يظهرها سقط الوعد. وحالة ثانية يكون فيها الوعد وعدا بالشراء من جانب
واحد، وفيه يعِد شخص (الواعد) صاحب الشيء (الموعود له) بأن يشتري منه هذا الشيء
إذا أظهر هذا الأخير رغبته في البيع خلال مدّة معيّنة، وفي هذه الصورة من الوعد،
يكون الواعد بالشراء هو الملزم، أما صاحب الشيء فلا يلتزم بالبيع، إذا أظهر الرغبة
التزم وإذا لم يظهرها سقط الوعد، وحالة ثالثة يكون فيها الوعد ملزما لجانبين،
بالبيع وبالشراء.
طبيعة مسؤولية الواعد
لا تخلو طبيعة المسؤولية في الوعد بالبيع من تفصيلات: نكتفي، منها فقط، بأن
نقول الآتي: قد لا يتقيّد الطرف الملتزم في الوعد بالتزامه بإبرام العقد النهائي،
وهذا التزام بعمل، يطبق بشأنه الفصل 261 من قانون الالتزامات والعقود، الذي جاء
فيه "الالتزام بعمل يتحول عند عدم الوفاء إلى تعويض...". فالوعد عقد
كباقي العقود يرتّب على الواعد (المتعاقد) التزاما، يتحوّل عدم الوفاء به إلى
تعويض على أساس المسؤولية العقدية، ويؤكّد هذا الفصل 788 الذي ينصّ على الآتي:
"ومع ذلك، فإن الوعد بتسلم وديعة اقتضاها سفر المودع أو أي مبرر آخر مشروع، يعتبر
التزاما من الواعد يمكن أن يؤدي إلى تحميله بالتعويضات في حالة عدم تنفيذه، ما لم
يثبت أن أسبابا مشروعة وغير متوقعة حالت بينه وبين أداء ما تعهد به"، وكذلك
ما نصّ عليه الفصل 834 "غير أن الوعد بالإعارة، لسبب معلوم من الواعد، يتضمن
التزاما، من الممكن أن ينقلب إلى تعويض إذا لم يف بوعده، وذلك ما لم يثبت أن حاجة
غير متوقعة قد حالت بينه وبين أداء التزامه، أو أن ظروف المستعير المالية قد ساءت
إلى حد كبير منذ العهد الذي قطعه الواعد على نفسه". لكن ليست هذه الصورة
الوحيدة للإخلال بالوعد، فقد يتفق الواعد والغير على أن يفوّت الأول للثاني الشيء
محل الوعد، وليس، في هذا التصرّف حسب البعض أي إخلال، ولكن يتم التمييز، في هذه الحالة،
بين سوء نية الغير وحسن نيته، أمّا إذا كان حسن النيّة، لم يعلم بوجود الوعد، فليس
أمام الموعود له سوى مطالبة الواعد بالتعويض على أساس المسؤولية العقدية، أمّا إذا
كان سيّء النية، متواطئا ومرتكبا لغشّ، فإن بإمكان الموعود له أن يرفع دعوى
المسؤولية التقصيرية على المتصرّف إليه سيّء النية، الذي يعلم بوجود الوعد،
باعتبار الفعل الذي قام به يشكل عملا غير مشروع، والأكثر من ذلك أن بعض التشريعات
جعلت التصرّف باطلا على أساس قاعدة أن القانون لا يحمي مرتكب الغش" أو أن "الغش يفسد التصرّف". وفي هذا
الصدد تنصّ المادة 1124 من القانون المدني الفرنسي على ما يلي:" ...يكون باطلا العقد
المبرم، إخلالا بالوعد الانفرادي، مع الغير الذي كان يعلم بوجوده".